ترامب والشرق الأوسط: تخبط وعدم وضوح في الرؤى

استضاف المركز نقاش حول التغير في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط تحت إدارة ترامب، وقد شارك في هذا النقاش كلا من:

أ. عبد الرحمن العجيلي: باحث غير مقيم في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط.

أ. سارة السرجاني: باحثة غير مقيمة في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط.

د. نبيل خوري: كبير باحثين غير مقيم في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط.

وادار النقاش أ. محمد المنشاوي مدير مكتب التلفزيون العربي في واشنطن.

سياسات غير واضحة حتى الآن

من جانبه أكد نبيل خوري على وجود ضعف كبير على مستوى العلاقات الخارجية الأمريكية في عهد أوباما، وعلى الرغم من التعاطف الذي أبداه الرئيس السابق مع ثورات الربيع العربي، إلا انه على مستوى السياسات لم يتمكن من مساعدتهم. أما إدارة ترامب لا يبدو أنها تفهم طبيعة الملفات والمشكلات المعقدة التي تتعامل معها في الشر ق الأوسط، وهناك اتجاه واضح على أولوية استخدام القوة، فالرئيس “لا يفهم المشاكل المعقدة” حسب خوري. وعلى جانب المساعدات الخارجية أشار خوري إلى أنه هناك اتجاه واضح داخل الإدارة الأمريكية على عدم إعطاء أي اولوية للمساعدات الخارجية، خاصة في المجال الاقتصادي والتنمية الاقتصادي، حتى بالنسبة للبرامج التي أدت لنتائج كبيرة إيجابية فيما يتعلق بالصحة العامة. الرؤية العامة تقول إنه في حالة تحسن الحوال الاقتصادية والاجتماعية في بلد ما، فان محفزات الهجرة غير الشرعية في هذه البلد تقل للغاية. وأكد خوري أن هناك انعزالية واضحة داخل هذه الإدارة، فليست هناك أي نية داخل إدارة ترامب على مساعدة البلدان التي تعاني اقتصادياً على حل مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية.

أما سارة السرجاني فقد أشارت إلى أن الإدارة الجديدة تعيد صياغة سياستها في المنطقة، خصوصاً في ظل حقيقة أن طبيعة المنطقة مختلفة اليوم عن تلك المنطقة عندما تسلم أوباما مهام منصبه كرئيس للولايات المتحدة. وعلقت السرجاني على الزيارات المكوكية التي قام بها قادة دول مهمة في الشرق الأوسط، مثل مصر والسعودية والأردن للبيت الأبيض بعد تولي ترامب مهام منصبه رسمياً، بأنها محاولة من جانب هؤلاء القادة لصياغة السياسة الأمريكية الجديدة، وإيجاد مكان لهم على الطاولة. وأضافت السرجاني، يريد هؤلاء القادة علاقة متساوية دون انتقادات مع الولايات المتحدة، والحصول على الدعم للحكام الحاليين، بناءً على المصالح الاستراتيجية المتبادلة، خاصة موضوع مكافحة الإرهاب، مع الوضع في الاعتبار تباين المصالح من دولة لأخرى في الإقليم.

فيما يتعلق بالسياسة الأمريكية تجاه منطقة المغرب العربي، قال عبد الرحمن العجيلي أنه لا تزال سياسة ترامب تجاه المغرب العربي غير واضحة، ولكنها الى حد ما متطابقة مع الرؤية المصرية والامارتية، وترتكز على تحقيق الاستقرار الإقليمي في هذه المنطقة، وأضاف أن سياسة ترامب سوف تكون مبنية على أساس الأوضاع في ليبيا. وبالنسبة للدور الأمريكي، أكد العجيلي على ضرورة خروج رؤية من الداخل الليبي لتكون الأساس في أي جهود دولية تجاه حل الصراع في ليبيا، ولكن هذه الرؤية غير موجودة في الوقت الحالي.

فيما يتعلق بالدور الأمريكي في ليبيا، أكد العجيلي أنه على الإدارة الأمريكية وضع مجموعة عدد من الاعتبارات فيما يتعلق بسياستها تجاه ليبيا: أولها إن مجرد تنصيب حكومة ديمقراطية – والتي كانت سائدة في 2011 – يمكن أن تحل المشاكل التي خلقها نظام القذافي، تبين انه افتراض غير صحيح، ثانياً أن الاتفاقات والمساومات التي تمت من 2011، لم يتم بنائها على فكرة بناء وطن ليبي واحد، وإنما بناءً على تقسيم المناصب والموارد. ثالثا إن المجموعات المسلحة في ليبيا هي امتداد لكيانات اجتماعية موجودة على الأرض، وبالتالي لديهم شرعية اجتماعية محلية، وعليه يجب أن يكون أي اتفاق بوساطة وليس بناءً على إجبار.

الدور الروسي في المنطقة

ذكر خوري أن هناك ارتباك من جانب الإدارة فيما يتعلق بالشرق الأوسط وملفاته المعقدة، فهذه الإدارة لا تضم مفكرين قادرين على رؤية الأمور في المنطقة بصورة أكثر عمقاً. فقد أكدت هذه الإدارة أنها لا تهتم بقضايا الديمقراطية وحقول الانسان، وأن أولويتها في سوريا مثلاً ليس إزاحة الأسد، وانه لا مانع لديها من التعامل معه، وبعدها بأيام استخدمببببيام استخدماستخدم ا الأسد الأسلحة الكيماوية في ادلب. وأضاف خوري أن إدارة ترامب الآن تريد أن تتعامل مع بشار وبوتين للتوصل إلى حل سياسي، ولكن هناك ضعف دبلوماسي كبير على الجانب الأمريكي، وعدم رغبة في الدخول في أي مبادرات دبلوماسية للتوصل إلى حلول في سوريا واليمن وليبيا؛ فهناك تناقضات كثيرة داخل هذه الإدارة، هذا التناقضات تضعف من القدرة الأمريكية حتى على التوصل إلى اتفاق مع روسيا حول الملف السوري.

أما السرجاني فقد اشارت إلى الاحتفاء الكبير بزيارة الرئيس الروسي بوتين للقاهرة في عام 2015، والحديث الذي واكب هذه الزيارة عن تغيير كبير في العلاقات بين البلدين، والحديث عن صفقات سلاح، وتم تصوير الأمر على أن مصر تستخدم ملف العلاقات مع روسيا لإدارة ملف العلاقات مع الولايات المتحدة، ولكننا لم نرى أي تجسيد مادي لهذا الأمر على الأرض. إلا أن السرجاني أكدت على أن هناك توافق بين روسيا ومصر فيما يتعلق ببعض الملفات الاقليمية مثل الملف الليبي. وهناك العامل السعودي في العلاقات المصرية الروسية، السعودية رافضة للدور الروسي في سوريا، وإذا كانت مصر راغبة في تحسين علاقاتها مع السعودية، فان هذا قد يغير من شكل العلاقات المصرية الروسية.

من جانبه أشار العجيل وجود تناقض دائم فيما يتعلق بدور ورؤية المؤسسات الغربية للملفات الإقليمية، فوزارات الخارجية في البلدان الغربية على سبيل المثال تؤكد دوماً على نشر الديمقراطية، بينما مؤسسات كوزارات الدفاع تتبع رؤية أكثر براجماتية، واستعداد للعمل مع أي طرف يحقق مصالحهم في الملف ذات الاهتمام. وأضاف أن جيران ليبيا من جميع الجهات لديهم مصالح أمنية قوية في جميع انحاء ليبيا، وفي ظل غياب رؤية واضحة وسيادة ليبية واحدة، ستواصل هذه الجهات دعم مصالحها.

أدوار تركيا وإسرائيل وإيران

أكد خوري على أن هناك ارتياح في إسرائيل فيما يتعلق بإدارة ترامب؛ وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لفت خوري النظر إلى أن الأشخاص الذين تم تعيينهم في إدارة ترامب ليقودوا جهود حل القضية الفلسطينية ليس لهم أي خبرة دبلوماسية عامة ولا خبرة بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، فالسفير الذي عينه ترامب في إسرائيل منحاز بوضوح إلى اليمن الإسرائيلي. وبالنسبة لدور مصر في القضية، فإن دور مصر الدبلوماسي لم يعد كما كان في الماضي، نظراً للمشاكل الأمنية والاقتصادية التي يعاني منها نظام السيسي، ومن ثم ليس من المنتظر أن تلعب مصر دوراً كبيراً في سياق هذا الملف.

وعلى جانب إيران، هناك عداوة واضحة عبرت عنها شخصيات عدة داخل الإدارة، ولكن في نفس الوقت هناك حاجة للدور الإيراني، إذا أردنا حل الصراع في سوريا؛ وفي هذا السياق أيضاً يبدو أن الإدارة تتبني نفس الرؤية السعودية، والتي ترى أن اليمن خط أحمر، والذي فيه يمكن ردع الدور الإيراني في المنطقة. أما فيما يتعلق بتركيا أوضح خوري أن هناك عدة تناقضات على الجانب التركي، فتركيا أرادت تحسين علاقاتها مع روسيا، ولكن هناك خلافات بينهم فيما يتعلق بالملف السوري؛ وقد تدهورت في العلاقات مع أوروبا والولايات المتحدة؛ الخلاصة من وجهة نظر خوري أن الدور الذي يريد أن يلعبه أردوغان هو دور غير مقبول من جانب ترامب وبوتين.

لابد من تصنيف جماعة الاخوان كجماعة إرهابية

فيما يتعلق بجماعات الإسلام السياسي بمختلف أطيافها، أكدت السرجاني على أن هناك توجه داخل الحكومة المصرية نحو تعريف كل ما هو اسلام سياسي تحت مظلة الاخوان المسلمين، وأن هناك ضغوط مصرية من أجل تصنيف جماعة الاخوان المسلمين على اعتبار انها جماعة إرهابية. وأضافت أن هناك توجه داخل إدارة ترامب ينادي باعتبار جماعة الاخوان المسلمين جماعة إرهابية أيضاً، ولكن هذا لم يحدث، وتسعى مصر إلى تحقيق هذا الأمر. وهذه السياسة من جانب مصر – من وجهة نظر السرجاني – لم يساعدها كثيراً في لعب دور الو سيط في العديد من الملفات الإقليمية في المنطقة.