المرحلة النهائية في اليمن

المرحلة النهائية في اليمن

كتب بواسطة:

لمّح الدكتور محمد المتوكل إلى أنّ لا أحد يريد دولة حقيقية، وأثار اهتمام عائلته المجتمعة حول طاولة الغداء في عطلة العيد. وأوضح زعيم حزب المعارضة السابق والسياسي المخضرم لماذا قد وصلت اليمن إلى مرحلة الأزمة التي قد تؤدي إلى فشل الحوار الوطني الذي يهدف إلى حل المشاكل الأكثر أهمية في البلاد:”يبحث كلّ فاعل سياسي عن مصالحه الخاصة فقط، ولا أحد يقوم بأي عمل لإنشاء دولة فعالة، مدنية وديمقراطية للشعب.” كان من الصعب الجدال حول هذه النقطة الأكثر جوهرية، وتقريبا، جميع من تحدثت معهم في زيارتي إلى صنعاء، والتي استمرت لمدة ثلاثة أيام، اتفقوا على أنه مع وصول الحوار إلى مرحلته النهائية، تغلق مراكز القوى التقليدية صفوفها وتستخدام جميع خدعها لاحباط النجاح المحتمل.
قدّم الاتفاق الذي أشرف عليه مجلس التعاون الخليجي (GCC) والذي ساعد على تفادي الحرب الأهلية في اليمن، ودفع الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى التنحي عن السلطة مقابل الحصانة في نوفمبر 2011، عملية مكتوبة بعناية لانتقال اليمن. وتتمثل هذه العملية بالأمور التالية: انتخابات بين أكثر من مرشح واحد للرئاسة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والحوار الوطني للشهر السادس، وصياغة الدستور والاستفتاء، ووضع قانون انتخابي جديد ثم إجراء انتخابات وطنية. وقد تجاوز الحوار الوطني ولايته الأولى التي امتدت على ستة أشهر، ولكن المندوبين الـ565 الذين يمثلون الأحزاب السياسية الأولية أي الجنوبيين، وحركة الحوثي، والمجتمع المدني، والشباب، والمرأة قد قاموا بوظيفة رائعة في مناقشة أهم القضايا التي تواجه البلاد وذلك من خلال تسع مجموعات عمل. وبعد عدة أشهر من المداولات التي ولّدت مناخاً إيجابياً نسبياً من التداول، وصلت مجموعات العمل إلى مرحلة اقتراح الحلول فحسب، مما أدى في الوقت الحالي إلى تراجع العملية. وفقاً لمندوب الحوار الوطني الذي يمثل حركة الحراك الجنوبي الدكتور بدر بسلمه، “صناع القرار الحقيقيين خارج الحوار، ولا ييحثون عن حلول بل يريدون الاحتفاظ بالسلطة وبممتلكاتهم. أما الآن وقد انتقل الحوار الى التفاصيل، فقد أدركوا مخاطر التغيير، وهم يقاومونها بكل قوة “.
قدم الحوار، في جوهره، فرصة للجهات الفاعلة غير التقليدية والقوى السياسية الجديدة، والمجتمعات المهمشة للحصول على مكانة مهمة في مستقبل البلاد، ويعَدّ هذا إنجازاً يستحق تحية خاصة بالمقارنة مع النتائج المنقسمة والعنيفة للصراعات على السلطة في مصر وليبيا. ولكن، ذكر الأسبوعان الماضيان المراقبين أن سماسرة السلطة الذين أرخوا الانتفاضة التي قادها الشباب اليمني هم الذين قد يملون كيفية تطور هذه القصة. وتُعتبر حقيقة أن عملية الانتقال السياسي في اليمن ما أنتجت لا غالب ولا مغلوب واضح هي بمثابة نعمة ونقمة. وتم اختيار الرئيس الحالي، عبد ربه منصور هادي، في شباط/فبراير 2012 كمرشح توافقي من بين الموقعين على اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي، وقام بتشكيل حكومة موحدة مع تمثيل متوازن إلى حد ما للأحزاب السياسية الرئيسية. كما مكّن البلاد “النموذج اليمني” المحمود كثيراً، من تجنب حرب أهلية حتى الآن، ولكنه أدام أيضا سيطرة الأوساط النخبوية نفسهم على المجالات السياسية والأمنية، والحياة الاقتصادية للبلد.
وأحد الانتقادات الأخرى الناتجة عن اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي وعملية الحوار الوطني هو أنّ لا علاقة لمعظم القضايا التي تمت مناقشتها، وخصوصاً تلك التي تستهلك معظم الوقت والاهتمام في أوساط النخبة السياسية والمجتمع الدولي، بالمظالم التي قادت الآلاف من اليمنيين الى الشوارع للاحتجاج لعدة أشهر في ربيع عام 2011. وركّزت الصرخات المجمهرة على انعدام الفرص الاقتصادية، والبطالة، وارتفاع تكلفة المعيشة والفساد والمحسوبية، وضعف سيادة القانون، وإساءة استعمال السلطة التي تجسدت في نظام صالح. وأكّد اليمنيون الذين التقيت بهم في مختلف أنحاء عالم أنّه لم يتمّ القيام بشيء لمعالجة هذه القضايا خلال هذه الفترة الانتقالية التي امتدت على فترة عامين، ويعود ذلك جزئياً إلى نقص الفعالية الكاملة للحكومة الحالية. كما يتشككون في امكانية وجود أي تأثير للحوار الوطني. في الواقع، تدهور العديد من هذه الظروف مثل تقديم الخدمات، وانقطاع التيار الكهربائي، ونقص الوقود بحيث أصبحت أسوأ من فترة ما قبل الـ2011.
ولا يعني هذا أنّ ما من نتائج إيجابية لمناقشات الحوار الوطني. فقد أكملت العديد من مجموعات العمل الأقل تسييسا عملها في الوقت المحدد واقترحت عناصراً لوضع الأسس لدولة مدنية تحترم حقوق الإنسان، وتعزز استقلال القضاء، وتشجّع مشاركة المرأة في الحكومة، وتوفر تعميم التعليم والرعاية الصحية. ويبقى على مجموعة العمل المهمة جداً والمسؤولة عن بناء الدولة أن تصدر تقريرها النهائي، إلا أنّ بعد المندوبين قد لاحظوا أنّها توصلت إلى وضع هيكل الدولة (الرئاسة مقابل البرلمان)، والنظام الانتخابي، والمبادئ التوجيهية لعملية صياغة الدستور.
أما القضية الأهم التي على الحوار أنّ يقررها، والتي قد تصل إلى جذور العديد من المشاكل الينمية، هي مسألة نقل السلطة من صنعاء إلى السلطات الإقليمية والمحلية، إما من خلال المزيد من اللامركزية أو تطوير نظام فيدرالي متعدد الدول.وفي حين يتركز محور هذه المناقشة على حل المسألتين الأكثر إثارة للجدل أي المظالم في الجنوب ومنطقة صعدة، يركّز أيضاً على قلب المشكلة الأكثر أهمية في اليمن ألا وهي مركزية السلطة والاستيلاء على الموارد. وأكبر مخاوف معطم اليمنيين هو عدم وجود الهياكل الحكومية الفعالة، والحكم الرشيد، والمساءلة لمن هم في السلطة. أما نقل السلطات من صنعاء فسوف يقرّب الحوكمة وصنع القرار من الناس وقد يخلق آليات أكثر فعالية لتقديم الخدمات وتطوير البنية التحتية، والنشاط الاقتصادي، وتعزيز الأمن.
على الرغم من أن اثنين من الأحزاب السياسية الأساسية أي المؤتمر الشعبي العام السابق الحاكم (GPC) وحزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوة المسلمون قد قبلوا علناً فكرة نقل السلطة وترتيب الفيدرالية المحتملة، يعتقد العديد من اليمنيين أن قادتهم يعملون من وراء الستار لخسف الفكرة، ولا سيما الرئيس السابق صالح (لا يزال رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام)، وعلي محسن (الزعيم الأساسي للإصلاح، والقائد السابق للواء المدرعات الأولى، وحليف وثيق للهادي). وعلى الرغم من أن حزب الإصلاح والمؤتمر الشعبي العام هما خصمين سياسيين وبينهما اختلاف فكري كبير، إلا أن مصالحهم بشأن هذه المسألة تتماشى إلى حد ما. سيخسر الطرفان وجماعتهما من صفوة القادات كلّ شيء عند إرسال السلطة من العاصمة إلى المحيط، وسيكسبون كلّ شيء من خلال الحفاظ على الوضع الراهن، لا سيما وأنّه يتعلق بالامتيازات الاقتصادية والوسيلة. ومع انتقال النشاط الاقتصادي من صنعاء إلى جانب انتقال واتخاذ القرارات حول العقود وصفقات الغاز والنفط والمشاريع الممولة دوليا، اصبح أسهل بكثير السيطرة على المنافع الاقتصادية والاستيلاء عليها. لذا، مع اقتراب الحوار الوطني من الاتفاق على نظام فيدرالي مع ثلاثة مستويات من السلطة المحلية والإقليمية، تقاوم الآن قوى النظام القديم بشراسة. وبسّط عضو رئاسة الحوار الأمور على الشكل التالي: “تريد القوى التقليدية المرور من خلال هذه الفترة مع أقل قدر من التغيير، ثم العودة أقوى في وقت لاحق واستعادة السيطرة.”
قضية الجنوب معقدة جدا، ولكن في جذورها مظالم تاريخية نابعة من الكفاح المستمر بين الوحدة والاستقلال، التي بلغت ذروتها في الحرب الأهلية عام 1994، ومن التوحيد الذي حرم الجنوبيين بصورة منهجية، بما في ذلك التقاعد القسري للأفراد العسكريين وموظفي الخدمة المدنية، ومصادرة الشماليون للأراضي، والتهميش في الحياة السياسية والاقتصادية للبلد. ، ظهرت حركة الحراك في عام 2007 في الجنوب للتحرك من أجل المزيد الحقوق من. وعند ظهور الاحتجاجات في ربيع عام 2011 لاسقاط صالح من السلطة، انضم العديد من أنصار الحراك إلى الانتفاضة الشعبية في مختلف المدن في جميع أنحاء البلاد. ومع ذلك، ازدادت خيبة الأمل من حكومة صنعاء وارتفعت رغبة الجنوبيين في الانفصال عن البلاد بشكل كبير. و على الرغم من أن هادي ينحدر من محافظة أبين الجنوبية، إلا أنه لم يظهر وحكومته إلى الجنوبيين أن الانخراط في عملية الانتقال والحوار الوطني سيخدمان مصالحهم وفشل في توليد الأمان والثقة اللازمين لكسب تأييدهم.
أوجزت اللجنة التحضيرية وفريق العمل الجنوبي في الحوار الوطني مجموعة من التوصيات المحددة (يشار إليها بنقطة 20 + 11) تهدف إلى توليد الثقة وتشجيع المشاركة الجنوبية في الحوار. وحتى الآن، لا تزال الحكومة بطيئة جدا في تنفيذ هذه التوصيات، وسلّمت اللجنتان المنشأتان لمعالجة الأفراد العسكريين المقالين تعسفياً والأراضي المصادَرة في الجنوب، عدد قليل جدا من النتائج الملموسة حتى الآن. ولو تمت هذه التدابير على مدى الأشهر الـ12 الماضية، ربما كان اليمنيون قد رأوا سبباً للبقاء في بلد موحد. وفي الوقت الحاضر، ترفض شرائح واسعة من السكان في الجنوب أبسط أسس اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي، والحوار الوطني، وأي حل مفروض من جانب صنعاء. ويعتقد بعض اليمنيون أن هادي لا يريد فعلاً توحيد الجنوبيين مع الشماليين، بل يتمسك بهذا الحلّ للفعل النهائي. قد يكون هذا الأمر مقامرة خطرة. إذ أنّه يجب على ي شخص يشك في مدى جدية هذه المعارضة مشاهدة لقطات من التظاهرات الأخيرة في معقل الحراك في عدن في 12 تشرين الاول/أكتوبر والتي جلبت الآلاف إلى الشوارع ضد الوحدة الوطنية ونتائج الحوار.
لا يقتصر التوتر على الجنوب فحسب. بل يشعر اليمنيون في مختلف أنحاء الطيف السياسي بأن الوضع قد تدهور على مدى الأشهر القليلة الماضية: إذ ترتفع عمليات الخطف والاغتيالات في جميع أنحاء البلاد، ويتكرر انقطاع التيار الكهربائي، ويستمر الانتظار في محطات البنزين لساعات طويلة. هناك شعور واضح بالتوتر في صنعاء والجميع ينتظر النتيجة النهائية. وعزا انهيار الأمن والهجمات على أنابيب النفط وشبكات الكهرباء إلى سبب من سببين: إما أن قوات النظام القديم يعملون على تقويض نجاح الحوار، أو المنافسة بين قوات الأمن المتوافقة مع هادي وصالح، ومحسن خلقت فراغا أمنياً ملأته القاعدة في شبه الجزيرة العربية (AQAP) أو غيرها من المسلحين الجهاديين. وفي كلتا الحالتين، فإن القضايا الأمنية حرجة، وتعتقد الأكثيرة أنه لا يمكن حلها إلا من خلال اتفاق سياسي ينسجم مع مصلحة هؤلاء اللاعبين الرئيسيين.
لن تكون مهمة إيجاد حل يحقق بعض مظاهر توافق في الآراء بشأن الجنوب، وفي نفس الوقت يحمي المصالح الجوهرية للنخب النظام القديم سهلة. رثى أحمد بن مبارك، الأمين العام لمجلس الحوار الوطني، أن “لجنة 8 +8” (المعينة خصيصاً لحل مسألة الجنوب) كانت فقط على أعتاب اتفاقٍ الأسبوع الماضي عندما بدأ أعضاء الحراك بالشعور بالمزيد من الضغط من الشارع الجنوبي، وعندما انسحبت الأحزاب السياسية الداعمة للوضع الراهن (المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح) مرة أخرى وعادت إلى فكرة اللامركزية. ويبدو الحوار الآن معلّقاً على مسألة الجنوب، ولكن الجلسة العامة الأخيرة انهارت أيضا بسبب انسحاب أعضاء المؤتمر الشعبي العام بسبب بند العزلة السياسية المقترحة التي من شأنه منع صالح والعديد من قادة حزب المؤتمر الشعبي العام من المشاركة في الحياة السياسية في المستقبل.
كيف سيُبرَم الحوار وماذا سيحدث بعد ذلك؟ يطابق عدد الآراء الأشخاص الذين سُئلوا. وهذه عملية مائعة وديناميكية يتنبأ بها القليلون. وفي الوقت نفسه، الكفاح السياسي هو بين النظام القديم المنقسم بين الخطوط الحزبية، والقبلية والايديولوجية والقوى الجديدة التي تم تشريعها من خلال الحوار الوطني، مثل حركة الحوثي من منطقة صعدة الشمالية وحركة الحراك. ففي بلد لا تثق أيّ من السلطات القديمة والجديدة بعضها ببعض، يسود موقف لا حصيلة له كما يفعل حافز قوي للحصول على أكبر قدر ممكن من السلطة والحفاظ عليه.
وفي حين يمكن لليمنيون فقط تحديد كيفية حل هذا، فإن المجتمع الدولي يلعب دورا هاما ويجب أن تُدرس بعناية كيفية مشاركته في هذه المرحلة من العملية. فعلى الحلوة والمرّة، تحمل المواقف التي اتخذتها مجموعة G10 في صنعاء وزناً كبيراً. تتألف مجموعة G10 من دول مجلس الأمن الدولي الدائمة العضوية، والاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي. ومع هذه المواقف، تحمل هذه المجموعة مسؤولية كبيرة للنظر في ما هو أفضل لليمن في هذه المرحلة، وليس فقط ما وُضع على ورقة قبل عامين في اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي. كما أدّى مبعوث الامم المتحدة الى اليمن جمال بنعمر دورا حاسما في الحفاظ على عملية التحرك إلى الأمام، ولكن الآن حان الوقت للتوقف، وإعادة تقويم، والتفكير بشكل خلاق حول ما يجب أن تبدو عليه المرحلة القادمة من عملية الانتقال.
أولاً، لا يشدّد الكثيرون من المجتمع الدولي مدى الغضب في الجنوب وكيف يؤثر هذا على الخطوات التالية في اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي ويقلّلون من أهميته. وسيعترف العديد من الدبلوماسيين والجهات المانحة بالضغط في الجنوب على أنّه قضية رئيسية في متناول اليد، ولكن بعد ذلك ينتقلون بسهولة إلى مناقشة الدستور والانتخابات كما لو أنّ سخط الجنوب سيحلّ مشاكله بنفسه دون التأثير على بقية العملية. وحتى لو تم الاتفاق على نظام فيدرالي خلال الحوار، قد يرفض الشارع الجنوبي هذه النتيجة، ويترك السكان منقسمين مع سبل محدودة للجوء. ونظرا للظروف الحالية، فإنه ليس من الصعب أن نتصور وضعا يقاطع فيه غالبية الجنوبيون الاستفتاء على الدستور، ويرفضون الدستور، ويرفض التسجيل ضمن سجل الناخبين الجديد، أو يرفض الهادي بشكل واسع (أو أي مرشح) إذا اختار خوض الانتخابات المقبلة. وهذا ناهيك عن عن إمكانية الاحتجاجات الضخمة في كل مرحلة من هذه المراحل التي يمكن أن تتحول الى اعمال عنف. سيكون هذا رفضاً كارثياً لمبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وعملية الحوار الوطني. وينبغي للمجتمع الدولي الضغط على هادي وحكومته لبسط نفوذهما للمطالبة بالتنفيذ الهجومي لتوصيات 20+11 والمبادرات الديبلوماسية المختلفة المستويات على القيادة الجنوبية.
ثانياً، وضع اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي مرحلة انتقالية لمدة عامين يقر الآن جميع من في صنعاء بكونه إطارأً زمنياً عاجلاً بشكل غير معقول. ومن الواضح أنه لن يكون هناك استفتاء أو انتخابات دستورية في شباط/فبراير 2014 عندما يجب أن تنتهي هذه الفترة. وبدلا من فرض عقوبات على الملحقات التدريجية أو التأخير في المسارعة إلى إجراء استفتاء على الدستور تليها انتخابات، يجب على مجموعة G10 والأمم المتحدة العمل مع هادي وقيادة حوار وطني لوضع جدول زمني وتسلسل منطقي في هذه المرحلة، يعطي ما يكفي من الوقت للقيام بذلك بشكل صحيح. على افتراض أن الشركة الوطنية للتنمية توافق على نظام مختلط من الحكومة، ينبغي أن تُطرَح تساؤلات خطيرة حول متى ينبغي أن تعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وليس فقط من وجهة نظر القدرات التقنية واستعداد اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء، ولجان الانتخابات المحلية ، وسجل الناخبين الجديد، ولكن مع الأخذ في الاعتبار أيضا استعداد السياسية والتداعيات المحتملة. فبدلا من الشعور بالفضل لاتفاق دول مجلس التعاون الخليجي، لقد حان الوقت للرجوع خطوة إلى الوراء ووضع خارطة الطريق الجديد التي توفر وضوح السنتين أو الثلاث سنوات القادمة. وينبغي أن يشمل آلية واضحة لكيفية ترجمة نتائج الحوار الوطني ليس فقط في الدستور، ولكن أيضا في الإجراءات التنفيذية والتشريعية، وإنشاء هيئة للإشراف على هذه العملية وضمان المساءلة. بالإضافة إلى ذلك، لا ينبغي أن يُختتم الحوار دون خارطة طريق وجدول زمني واضح يفصل كيفية إبلاغ القرارات التي يتخذها الحوار للشعب، ويتيح وقتا كافيا لتوعية الشعب، وعملية تشاورية لصياغة الدستور ووضع قانون انتخابي جديد.
من الممكن أم يقوّض التسريع في العملية المكاسب الإيجابية التي تحققت من خلال تحريك حالة يرفض فيها غالبية الجنوبيون النتيجة أو المشاركة. وفي الوقت نفسه، هناك توازن دقيق بين عدم التسرع في العملية وإعطاء رخصة للتأخير المستمر والتأجيل. ويفخر تقريبا اليمنيون بسمعتهم بالتأخير اللامتناهي ومن ثم التفاوض في الساعة الحادية عشرة قبل الموعد النهائي. وليس من السهل إيجاد التوازن الصحيح، لكن هنا تكمن أهمية وضع، عاجلا وليس آجلا، تعريفاً واضحاً لإطار جديد وجدولاً زمنياً. تتم هذه المناقشات حالياً بين القوى اليمنية القائمة، ولكن معظمها بطريقة سرية، وهذا ما يولد الخوف وانعدام الثقة بين الأطراف السياسية الأخرى خارج هذه العملية والشعب. ومرة أخرى، هذا هو المكان الذي يمكن للمجتمع الدولي أن يقوم فيه بدور مفيد من خلال إضفاء الطابع الرسمي على العملية، مما يدل على الاستعداد لإعادة النظر في حكمة خطة مجلس التعاون الخليجي المفوضة أساساً. في نهاية المطاف، يندفع اللاعبون الدوليون في المقام الأوّل نحو مصلحة الجفاظ على الأمن والاستقرار في اليمن، ولكن بتسرّعهم للوصول إلى خط النهاية، لا يحققون هذا الهدف بأي شكل مستدام، وقد يقوضذلك المكاسب الحساسة التي تحققت حتى الآن.
دانيا غرينفيلد، نائب مدير مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط في المجلس الأطلسي.