إعداد: فريديرك هوف، بسمة قضماني، جيفري وايت
انطلاقاً من برنامج الرئيس باراك أوباما للتدريب-والتجهيز لتحويل المتمردين السوريين الوطنيين إلى قوات برية لمقاومة الدولة الإسلامية في العراق والشام، يوصي التقرير بالتطلع إلى ما هو أبعد: تجنيد، وتدريب، وتجهيز، ونشر قوة وطنية سورية من أجل الاستقرار تكون مؤلفة من سوريين فقط. تلك القوة، التي بإمكانها أن تشكل أساساً للجيش السوري مستقبلاً، ستكون مهمتها العسكرية دحر أي مجموعة أعداء تعيق الاستقرار وتشكيل حكومة شرعية متكاملة في جميع أنحاء سوريا. وبأفضل الأحوال، فإن تشكيل قوة وطنية سورية صلبة من أجل الاستقرار، مدعومة عسكرياً من الحلفاء، وتخضع لسلطة قيادة وطنية سورية، يمكنها أن تساعد على وضع شروط مفاوضات هادفة للانتقال السياسي. ومن ثم فإن القوة الوطنية السورية من أجل الاستقرار لديها القدرة على تفادي الحاجة إلى حملة عسكرية في كافة أرجاء البلاد. ولكن لكي يصبح لها تأثير صحيح، فمن الضروري تكوين ودعم القوة الوطنية السورية من أجل الاستقرار لكي تنجح عسكرياً تحت إدارة سياسية سورية.
يتصور هذا التقرير ويوصي بتشكيل فرقة مشاة من ثلاث كتائب مزودة بمركبات تضم نحو خمسين ألف فرد. ولا يعني ذلك وجود قاعدة جاهزة للتجنيد في الوقت الحاضر كي تنشىء قوة بهذا الحجم. كما أنه لا يعني أن قوة من خمسين ألف فرد – وإن كانت مدعومة من الحلفاء بالقتال الجوي – ستكون قادرة على التعامل بقوة مع الجبهة الحالية من مخربي الدولة السورية، والتي يقودها تنظيم الدولة الإسلامية ونظام بشار الأسد. إن التخطيط لهدف تشكيل قوة من خمسين ألف فرد يستلزم الدراسة الجادة لإنشاء مناطق محمية داخل سوريا بحيث يمكن الوصول مباشرة إلى الوحدات الوطنية الموجودة حالياً، وإلى السكان من الذكور الذين تلقوا بالفعل تدريبا عسكريا من خلال التجنيد الإلزامي. وللوصول إلى بل وتجاوز الخمسين ألفا فإن على الأجندة السياسية المرتبطة بالقوة الوطنية السورية من أجل الاستقرار – والمتمثلة في الوطنية، والسلام، والاستقرار، والتكامل، وسلطة القانون، والصلح، وإعادة الإعمار – أن تجذب الضباط والجنود العاملين حالياً في جيش النظام السوري، وعلى المقاتلين السوريين الشباب الذين انجذبوا إلى المنظمات الجهادية ليس عن آيديولوجية وإنما بسبب وعود بدعمهم مادياً.
إن القوة التي يصفها هذا التقرير سيكون لها إمكانيات عسكرية مدنية هامة بالإضافة إلى القدرات القتالية. وبالفعل، فإن حماية المواطنين، والتي تغيب بشكل واضح عن التكتيكات البربرية لنظام الأسد والدولة الإسلامية، ستكون من المهام الأساسية للقوة الوطنية السورية من أجل الاستقرار، والتي تتطلب تدريباً على كافة المستويات للقوة المقترحة. إلا أنها ستكون في نهاية الأمر قوة مُشكَّلة لتحقيق انتصارات عسكرية.
وفي النهاية، على القوة الوطنية السورية من أجل الاستقرار أن تكون أكثر من مجرد سورية التكوين. سيتعين عليها العمل تحت إمرة القيادة الوطنية السورية، والتي ستضع التوجهات السياسية والاستراتيجية. وتعد تلك معضلة. في شهر كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢، اعترفت الولايات المتحدة ودول أخرى بالائتلاف الوطني السوري بكونه الممثل الشرعي للشعب السوري. إلا أن البعد الأمريكي تجاه الائتلاف، سمح لعناصر إقليمية بأن تحوله إلى فصائل غير فاعلة ومتناحرة. إن دعم واشنطن الفاتر للمعارضة السورية وفشلها في أن دعم تأسيس حكومة سورية معتدلة في المناطق المحمية، ساعدا على ترك الائتلاف الوطني السوري والحكومة السورية المؤقتة التابعة له في معزل، حيث تعرضوا لمكائد العناصر الإقليمية.
إن المعارضة السورية ليست الآن بوضع يسمح لها بتشكيل سلطة قيادة قومية. ومع ذلك، فإن الجهة التي ستؤسس القوة الوطنية السورية من أجل الاستقرار أو حتى قوة أقل حجما، متناسقة مع مبدأ التدريب-والتجهيز الحالي، بحاجة إلى مساهمة سورية رصينة وعقلانية. فالقوة التي ستُنشأ سواء كانت القوة الوطنية السورية من أجل الاستقرار أو قوة أصغر منها بحاجة إلى هوية سورية، وتوجيه سوري كي تستوفي الشروط الأساسية لاختبار الشرعية. وبالرغم من عدم وجود شك بإيجاد مجندين سوريين لتشكيل ميليشيا أجنبية تخدم مصالح أجنبية، فهنالك أسئلة تتعلق بالحافز، والمعنويات، والولاء، وإمكانية الاعتماد عليها، ما زالت تسيطر على المشروع.
ولريثما تُشكَّل سلطة قيادة قومية سورية، ربما على هيئة حكومة تُؤسَس داخل منطقة سورية محمية، يوصي التقرير بشدة بإنشاء فريق عمل استشاري سوري ليقدم النصائح إلى منفذي برنامج التدريب-والتجهيز وليسهل الاتصالات بين المنفذين السوريين على مستويات متعددة. وبفضل خبرة أربع سنوات، فبإمكان موظفين أمريكيين التعرف بسهولة على مجموعة من السوريين ممن يمكنهم العمل بشكل جماعي وبذكاء لملء الفراغ بين معارضة مضطربة حالية وسلطة قيادة وطنية يمكنها أن تبرز من خلال دبلوماسية أمريكية نشطة، وملتزمة، وفعالة قبل أن تتشكل القوة الوطنية السورية من أجل الاستقرار بشكل كامل.
وتوصي هذه الدراسة بشدة بأن تنظم الولايات المتحدة نفسها دبلوماسياً من أجل نضال طويل وصعب في سوريا. إن غزوا واحتلالا أمريكيين أمر غير وارد، لقد كان الموضوع دائماً عبارة عن نقاشات هشة.
إلا أن الرغبة والأمل بقدرة خارقة ودبلوماسية لحل تلك المعضلة من قبل روسيا أو مبعوث الأمم المتحدة الخاص، هي أيضاُ أمور غير حقيقية. فالآثار المشتركة لنظام الأسد مع الدولة الإسلامية قد اشتملت على عمل بغيض ضد الإنسانية، وزعزعة المنطقة والتهديد بإرهاب عالمي. إن تحويل الاٍرهاب والاجرام إلى حكومة شرعية متكاملة هو أمر شاق على السوريين، وبإمكان الولايات المتحدة وحلفاءها وشركاءها المساعدة.
إن بناء، ونشر الجند، ودعم الإئتلاف الوطني السوري، من وجهة نظر هذه الدراسة، هي أمور أساسية لخلق الظروف التي ستهزم الدولة الإسلامية، وتزيل نظام مبني على أساس عشائري، جعلت تنظيماته من سوريا مكانا آمنا للخليفة الزائف، كما أنها تعطي السوريين الفرصة لحكم ذاتي يُظهر سلطة القانون. وعلى خلاف المفهوم الحالي لبرنامج التدريب-والتجهيز، بإمكان الإئتلاف الوطني السوري أن يُحدث فرقاُ مهماً في الساحة وربما أن يقنع الجهات الاساسية مثل إيران وروسيا ونظام الأسد بأن مفاوضات من أجل تحول سياسي هادف هو بالنهاية خيار مفضل.